الطلاق والأمية في مصر: من واقع بيانات تعداد السكان - 2017
بعد صدور البيانات الأولية لتعداد السكان 2017، حاول العديد من الباحثين استخدام هذا الكنز المعرفي لدراسة العديد من القضايا القومية في مصر، مثل الأمية والطلاق وغيرهما. وكمثل الكثير من الباحثين، حاولت الاستفادة من هذه البيانات لفهم الواقع الذي نعيشه، وبالرغم من ان هذه البيانات قد تحتوي علي الكثير من المعلومات والعلاقات الهامة - والمثيرة أحياناً - إلا أن قضية الطلاق في مصر كانت من أكثر القضايا نقاشاً علي مستوي الرأي العام.
قرأت بعض التقارير عن الطلاق التي كُتبت من قبل هيئات او مراكز بحثية بناءً علي نتائج تحليل بيانات التعداد او تقارير الزواج والطلاق السنوية التي يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء، وللاسف أغلب هذه التقارير غير متعمقة في تحليل البيانات ولم تتناول الجوانب المعقدة لقضايا الزواج والطلاق في مصر، والتي لها أبعاد إجتماعية وعرفية ودينية متشابكة. بل بعض هذه التقارير التي تناولت قضية الطلاق وصلت لاستنتاجات قد تكون خاطئة وعكس ما تتحدث به البيانات، فمثلا احد هذه التقارير استنتج أن علاقة الطلاق بالأمية (أو عدم الالتحاق بالتعليم) في مصر علاقة طردية، وعليه عدم الالتحاق بالتعليم يؤدي الي ارتفاع الطلاق وتفكك الاسرة المصرية. لا ينكر أحد خطورة الأمية، ولكن الحقيقة هذا الاستنتاج خاطئ تماما، بل ان بيانات تعداد 2017 تشير الي أن هناك علاقة ارتباط عكسية قوية (0.71-) بين نسبة الأمية (10 سنوات فأكثر) ونسبة الطلاق (18 سنة فأكثر). لابد من ملاحظة أني هنا أقول علاقة ارتباط، وليس علاقة سببية!
لكي نحصل علي استنتاجات صحيحة، لابد من استخدام اساليب احصائية سليمة ومتعمقة، كفانا إستخدام نسب ومتوسطات ورسومات عامة، ثم نقفذ الي إستنتاجات (عامة) لا علاقة لها بما لدينا من كنز معرفي مخبئ في قواعد البيانات يبحث عن من يستخرجه.
أترككم مع بعض الرسومات التي تؤكد ما أقوله عن علاقة الارتباط العكسية بين نسبة الأمية ونسبة الطلاق في مصر، ولاحقا أفصل جوانب حساباتها وأهم استنتاجاتها.